في إحتفال شباب العزم – إطلاق منسقية الجامعات في لبنان | 28 November 2015 |
أيها الحفل الكريم
يسعدني أن أكون بينكم اليوم في هذا الإحتفال البهيج الذي يقيمه شبابُ العزم في كل عام، وأن أنقل إليكم تحيات دولة الرئيس نجيب ميقاتي، الذي كلّفني شرفَ تمثيله، وتمنياته الحارة لكم جميعاً وللمنسقين الجدد بالنجاح والتوفيق والسداد.
أيها الإخوة الأكارم
يكتسب إحتفالُنا اليوم أهمية بالغة، ذلك أنه يُصادف الذكرى العاشرة لتأسيس شباب العزم، ذلك القطاع البالغ الأهمية في إحتضان طلاب الجامعات والمدارس الثانوية، لا سيّما وأنه يلعب دوراً محورياً في مجموعة العزم ونشاطاتها.
والشباب هم العمود الفقريّ في المجتمع، هم بناة المستقبل، فإذا أحسنا تربيتهم وتنشئتهم على الإعتدال والوسطية نكون قد أحسنّا بناء مستقبلِ هذا الوطن، ونكون بذلك قدوةً للآخرين.
إنّ ما يجري اليوم في العالم من إرهابٍ متنقلٍ بين مختلف دول العالم، يكاد يصبح سمةً من سمات العصر، فهو يقضُّ مضاجع الجميع، ويجعلهم يعيشون في قلقٍ مستمر.
ومهما رفع العالمُ من شعاراتٍ وحَشَدَ من جيوشٍ وطائراتٍ وأساطيل، وقصف من مواقعَ وأهدافٍ إستراتيجية، وحاول "تجفيف منابع هذا الإرهاب" فإن التطرف والعمليات الإرهابية تزداد وتتسع يوماً بعد يوم لتصبح تفجيرات بأحزمة ناسفة وأشكال أخرى من أبشع وسائل الإرهاب وأكثرها دموية.
ويبدو أن نسبة المتطرفين بين صفوف الشباب تحديداً، في نمو متزايد وسريع، وهذا ما يجعل طرح مشكلة التطرف والإرهاب، ومعالجتها والتصدي لها جذرياً، ضرورة ملحة، خوفاً على الأجيال الصاعدة من الوقوع في خضم هذا الأتون الملتهب.
فطرق العلاج لهذه المشكلة بالمواجهة العسكرية المباشرة فقط، لم ولن تحقق تقدماً ملموساً، بل على العكس من ذلك فقد زادت الطين بلة.
لا شك في أن دعاة التطرف ليسوا دعاة تنميةِ عقلٍ وفكرٍ سليم، أو دعاةَ عقيدةٍ راجحة، فخطابهم هو خطاب الغريزة والعصبية الذميمة، لأنهم إفتقدوا التربية السليمة في بيوتهم ومدارسهم وجامعاتهم وبيئتهم عموماً.
أيها الإخوة الأكارم
إن التصدّي للإرهابِ المستشري، لا يكون بإعلان الحرب العسكرية عليه وحسب، بل وبالتربية على الوسطية والإعتدال، ونشر ثقافة السلام، القائمة على الحوار بالحسنى، وعلى قبول الآخر، وبالدعوة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، عند بعض الدعاة المتطرفين، من خلال الحوار معهم بلا مللٍ ولا كلل، ومن خلال معالجةِ الفقر والجهلِ والبطالة على جميع الصعد، ومن خلال لامركزيةِ التنمية المستدامة الشاملة.
عند ذلك فقط نكون قد طبّقنا مقولةَ "السعي لتجفيف منابع الإرهاب" ونكون قد أضأنا النور في الغرفة المظلمة لنبدّد معها تسلط القوى الظلامية، ونكسر شوكتها.
أيها الحفل الكريم
الأمر الآخر الذي أحببت التوقف عنده في هذا الإحتفال الكريم هو حب الوطن والإخلاص له، و"حب الوطن من الإيمان" كما هو القول المأثور عند أهل العلم.
والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما خرج من مكة المكرمة مهاجراً إلى المدينة المنورة، ووقف على إحدى التلال المشرفة على مكة، وخاطبها قائلاً: "والله إنك لأحب بقاع الدنيا إلى قلبي، لولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت".
لذلك كان واجباً علينا تنشئة الأجيال على حب الوطن وعلى أن يتمسكوا بأرضهم وتراثهم، ويحفظوا وطنهم وتاريخهم، وليبنوا فيه مستقبلهم، ومستقبل أولادهم بعيداً عن التطرف الذميم والعصبية البغيضة والإرهاب الكاسر.
أختم بالقول إن الشباب هو ينبوع المحبة، وعنوان المستقبل، وهو أمل الأمة، وباني مجدها. فلنحسن إعدادهم لتكون عطاءاتهم على قدر آمالنا في مستقبل هذا الوطن.
وفقنا الله لكل خير. عشتم وعاش الشباب وعاش لبنان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.